• 2022-06-21

في وداع الشيخ الجليل أحمد القطان .. ومن مثلك قد ملك القلوب

كلمات في وداع الشيخ الجليل أحمد القطان رحمه الله تعالى وغفر له

يا عيون الدهر سُحِّي أدمعا لفراق أكرم الرجال وشيخ الشيوخ وسيد الدعاة وأستاذ الجيل وشاعر الجمال وحبيب المجالس وفارس المنابر وأسد الحق وسلطان الفصاحة وإمام الوعظ وعنوان التواضع الشيخ الجليل الأديب الأريب القريب أبي عبدالله أحمد بن عبدالعزيز القطان رحمه الله وغفر له وتقَبَّله في الصالحين.
خطيب الأقصى الذي نذر نفسه له حتى الرمق الأخير. قد عرفه العالم من عيون القدس وباحات الأقصى الشريف خطيباً مدافعاً عن حياضه لسنوات طويلة حتى جعل منبره منبراً للأقصى وفلسطين والقدس والمقدسات وهو الذي لم يزرها يوماً في حياته ملتزماً بعدم إعطاء الصهاينة اعترافاً بـ(أحقية) لهم بالمكان كي يسمحوا له بتأشيرة زيارته.
والله لن ننساك فأنت علامة فارقة في تاريخنا الذي عشناه ونحن صغار، وقد تعلمنا منك حروف الالتزام. رأينا نجمك السامق مطلع ثمانينيات القرن الماضي بعد الشيخ عبدالحميد كشك يرحمه الله ثم شيخك وأستاذك الشيخ حسن أيوب يرحمه الله. فأكملت أنت مسيرتهما. ولا أبالغ إنْ قلت إننا عرفنا دولة الكويت بك ومن خلالك. فإنْ قال أحد من أصقاع الدنيا تعرفون الكويت قالوا تقصدون بلد الشيخ أحمد القطان.. فرحمك الله رحمة واسعة.
كم زرتنا في البحرين وقد أحببتها وأحبَّتك كما أحبَّتك كل دار وبلاد زرتها. فأنت الداعية الوَسَطِي ذو الوجه البشوش ولكنك الذي تزأر بالحق. عظيم السجايا ذكي لمَّاح وخطيب فذ غزير الفهم تحب الشعر وتقرضه، ولم يمنعك ما حباك الله من هبات جليلة من لبس المتواضع من الثياب حتى في أسفارك. والله لن أنسى حذاءك المتواضع وقد زرتنا مرة في البحرين وقد أكرمني الله بشرف استقبالك في المطار وتوديعك وكنتَ متواضعا بحق لا يهمك إلا ثقل وزنك عند الله لا المخلوقين.
رحم الله قلوباً تعلقت بك ونهلت من معينك وأحبتك حباً جماً. فأنت المحب الباذل الذي لا تُمل صحبته ولا يُكتفى من حديثه. أذكر زياراتك لنا في مواسم الحج حين تجود علينا من خواطرك فتضحكنا باستهلالك حتى تُدخِل السرور على قلوبنا ثم تعرِّج بنا نحو عظمة الله وثِقَل الأمانة فنبكي بكاء الخائف الجزع فترأف بنا فتبشرنا بحديث الثقة بما عند الله فتستقر النفوس وتهدأ القلوب ولا يطيب لنا بعد ذلك وداعك. والله نذكرك يا شيخنا وسنقول لربنا ما قدمت لنا وما علمتنا، ووالله لا يجيد أحد وعْظ قلوبنا مثلك، فرحمك ربي رحمة من عنده.
رفع الله يا شيخ ذكرك وبارك في غرسك وعوَّضنا بأمثالك فهو المستعان والمأمول مولانا رب العالمين. اللهم اغفر لعبدك أحمد القطان وارحمه، وارفع درجته في المهديين، واخْلُفه في عَقِبِه في الغابرين، واغفر لنا وله يا رب العالمين، وافسح له في قبره، ونَوِّر له فيه‏. اللهم اجْزِه عنا خير ما جزيت الدعاة الصادقين والعلماء العاملين. ولَقِّه يارب كتابه باليمين واسقِه من حوض حبيبنا وحبيبه سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم واجعل يارب موعدنا معه أعلى فراديس الجنان مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصِّدِّيقين والشهداء والصالحين وحَسُنَ أولئك رفيقاً.
اللهم آمين وإنَّا لله وإنَّا إليه راجعون والحمد لله رب العالمين.